エピソード

  • السعودية - شريفة الغوينم: كان حلمي أن أبتكر روبوتا يكشف اكتئاب الإنسان
    2025/12/27
    في آخر حلقاتنا المصوّرة على هامش قمة وايز 12 من العاصمة القطرية الدوحة، استضفنا الدكتورة شريفة الغوينم، الباحثة في مجموعة الروبوتات الشخصية بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT). امتد هذا الحوار بين السيرة الشخصية والتجربة العلمية، مرورا بالنقد العميق للمنظومات التعليمية. لم يكن اللقاء استعراضا لمسار أكاديمي فحسب، بل رحلة مع امرأة عربية اختارت أن تفكر خارج القوالب الجاهزة منذ طفولتها، وأن تعيد تعريف النجاح من خلال التجربة والتعثر والمحاولة المستمرة. تنتمي الدكتورة شريفة الغوينم إلى جيل شق طريقه في زمن لم تكن فيه التكنولوجيا متاحة كما هي اليوم، ولم تكن الخيارات الأكاديمية والعلمية ميسرة أمام النساء داخل مجتمع سعودي محافظ، خصوصا في مجالات تصنف تقليديا على أنها «ذكورية». ولدت في الرياض عام 1981، ونشأت في عائلة سعودية مكونة من عشرة أشخاص. كان والدها، رغم عمله في مجال الصيدلة، مهتما بعالم التكنولوجيا، وهو من أدخل الحاسوب إلى البيت. هذا الحاسوب شكل بالنسبة لطفلة صغيرة نافذة على عالم مختلف، عالم غامض بلغة أجنبية وأسئلة لا تنتهي، لكنه أيضا عالم أثار فضولها وأطلق شرارة مبكرة لشغف سيلازمها لاحقا. طفولة خارج القالب المدرسي تتحدث الدكتورة شريفة عن طفولتها، وعن شعورها الدائم بعدم الانسجام مع الطرق التعليمية التقليدية، وعن صعوبة التركيز داخل الفصل، وعن الميل المستمر إلى أحلام اليقظة بدل الانتباه والحفظ والتعلّم. تصف تلك المرحلة بقولها: "لم أكن الطالبة النموذجية وفق المعايير السائدة، لكنني كنت أملك فضولا معرفيا وقدرة عالية على الفهم والتحليل، وهي مهارات لم تكن تكافأ في منظومة تعليمية تعتمد أساسًا على الامتحانات والحفظ". هذا الخلل المبكر بين قدراتها الحقيقية وآليات التقييم جعلها تصطدم كثيرا بإحساس الفشل، رغم أنها اليوم تنظر إلى تلك اللحظات باعتبارها محطات ضرورية في طريقها. جامعة الملك سعود: المختبر ينتصر على ورقة الامتحان لم يكن مسارها الأكاديمي مستقيما حين التحقت بجامعة الملك سعود عام 1999. لم يكن الطريق إلى تخصص الحاسوب سهلا، إذ لم تحصل على المعدل الذي يسمح لها بالدخول مباشرة، فاختارت مسار العلوم كمرحلة انتقالية على أمل التحويل لاحقا. وهي واحدة من المحطات التي تتكرر في قصتها: تريد شيئا، لا تناله من الباب الأول، فتبحث عن نافذة أخرى. في تلك المرحلة، اكتشفت أن تميّزها الحقيقي يظهر في المختبرات والتطبيقات العملية، لا في الامتحانات النظرية. تحكي أنها كانت تتفوق في البرمجة وحل المشكلات، وتساعد زميلاتها على تجاوز تعقيدات الأكواد والأخطاء التقنية، بينما تعاني مع الحفظ والاختبارات المغلقة. هذه التجربة عمقت قناعتها بأن أنظمة التقييم الجامعي بحاجة إلى مراجعة جذرية، وأن قياس الذكاء والقدرات لا يمكن أن يختزل في نموذج واحد للجميع. من سوق العمل إلى قرار الهجرة العلمية بعد تخرجها عام 2004، عملت في معاهد خاصة ثم في مجال التعليم، برواتب متواضعة لا تعكس حجم الجهد ولا سنوات الدراسة، لكنها كانت، كما تقول، تفضّل أن تكون فاعلة ومنتجة على أن تبقى أسيرة الانتظار. في تلك الفترة بدأت تفكر جديا في استكمال دراساتها العليا خارج المملكة العربية السعودية. غير أن الانتقال إلى الخارج لم يكن خطوة سهلة في سياق اجتماعي وثقافي محافظ؛ تقول شريفة إنها...
    続きを読む 一部表示
    43 分
  • المغرب - جلال شرف: الجامعات التقليدية لم تعد كافية، يجب خلق بيئات تحتضن العقول
    2025/12/20
    في ثالث حلقاتنا على هامش قمة وايز12 في العاصمة القطرية الدوحة، التقينا جلال شرف، الرئيس التنفيذي للرقمنة والذكاء الاصطناعي بجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، والمدير العام للمدرسة المركزية بالدار البيضاء. حوار اتخذ من المسار الشخصي مدخلا، ومن التحولات التربوية والرقمية أفقا، ليطرح أسئلة كبرى حول التعليم، والابتكار، ودور الذكاء الاصطناعي في مستقبل التعليم والمجتمعات. ولد جلال شرف سنة 1975، سنة فارقة في التاريخ المغربي، سنة المسيرة الخضراء، التي لم يعش تفاصيلها بحكم صغر سنه، لكنها حضرت في ذاكرة العائلة وفي السرديات الأولى التي شكّلت وعيه الوطني المبكر. يقول في هذا السياق: «تلك السنة كانت سنة فريدة في تاريخ المغرب، وكان الوالدان يرويان لنا كيف عاشها المغاربة». في مدينة القنيطرة المطلة على الساحل الأطلسي، نشأ داخل أسرة مغربية تقليدية، لعب فيها الوالدان دورا مركزيا في بناء شخصيته. الأب، المقاول العصامي كما يصفه، نقل إليه قيم الاستقامة، وربط النجاح بالنية والعمل لا بالمكاسب السريعة. والأم، التي كانت القلب النابض للأسرة، كانت حاضرة في تفاصيل تربيته اليومية بحسها الفكاهي. التعليم كطريق للاستقلال الفكري في بيت جلال شرف، كان التعليم له دور محوري وأساسي. يقول: «الاستقلال الحقيقي، كما كان يؤكد الوالد، يبدأ من الاستقلال الفكري، ولا يتحقق إلا بالمعرفة». منذ الطفولة، رافق جلال فضول معرفي دائم، أسئلة لا تنتهي عن الجسور، والبنايات، والآلات، والتكنولوجيا التي تحيط به. هذا الفضول قاده طبيعيا نحو العلوم والهندسة، باعتبارها مفاتيح لفهم العالم لا مجرد مسارات مهنية. من القنيطرة إلى باريس وأمريكا: مرحلة الانفتاح انتقل جلال شرف إلى فرنسا، حيث درس سنتين من الأقسام التحضيرية في مدينة ليل، ثم التحق بعدها بالمدرسة المركزية بباريس، في تجربة فتحت له آفاقًا فكرية واسعة. بين ليل وباريس، اكتشف عوالم جديدة، ليس فقط في الرياضيات والفيزياء والهندسة، بل في الفلسفة، والاقتصاد، والعلوم الإنسانية. لاحقًا، قادته الدراسة إلى الولايات المتحدة، حيث تابع تكوينه في جامعة كورنيل، ثم عاد لاحقًا إلى جامعة هارفارد، ويقول: «التعلم لا يتوقف عند شهادة أو مرحلة عمرية، بل هو مسار حياة كامل». خيار العودة: خدمة الوطن بدل الاغتراب رغم الفرص المتاحة في الخارج، لم يكن الاستقرار النهائي خارج المغرب مطروحا بالنسبة له. نصيحة الوالد كانت حاسمة: "بلدك أولى بعلمك". يقول إنه في تلك الفترة اختار كثيرون من زملائه التجنيس والاستقرار في أوروبا أو أمريكا، لكنه هو اختار العودة إلى المغرب، مقتنعا بأن التحديات في المغرب أكبر، لكنها أكثر معنى، وأن القيمة الحقيقية للمعرفة تظهر حين توظف لخدمة مجتمعه. من عالم الأعمال إلى التعليم والسياسات العمومية كانت العودة المهنية الأولى سنة 1999 عبر المقاولة العائلية، وهي تجربة كشفت له واقع عالم المقاولة في المغرب: صعوبات التمويل، العلاقة مع البنوك، التسيير، التفاوض، وضغوط السوق. هناك، أدرك أن ما لا تعلمه المدارس يكتسب فقط في الميدان، وأن الفشل والتعثر جزء أساسي من التعلم الحقيقي. قادته الرغبة في التغيير إلى التدريس بجامعة الأخوين سنة 2022، حيث خاض أول تجربة أكاديمية مع طلبة قريبين منه سنا، ثم بعدها إلى مؤسسة التمويل الدولية ...
    続きを読む 一部表示
    44 分
  • رامه الشققي: علاقتي بسوريا كانت مزيجا من الحب والخوف
    2025/12/13
    في ثاني حلقاتنا على هامش قمة وايز12 في الدوحة، تحت شعار «الإنسان أولًا: القيم الإنسانية في صميم النُّظم التعليمية»، استضفنا رائدة الأعمال السورية الأصل، رامه الشققي. في هذا الحوار تعود ضيفتنا إلى جذورها العائلية ومحطات اغترابها بين السعودية والولايات المتحدة ودبي. قبل أن تروي انتقالها من عالم الهندسة إلى فضاء الاستثمار، وصولا إلى قيادتها اليوم لمؤسسة واحة قطر للعلوم والتكنولوجيا. تنطلق رامه من ذاكرة دمشق، المدينة التي لم تطل إقامتها فيها، لكنها حملت منها أول بذور الاهتمام بالتعليم. نشأت في عائلة تعطي للتربية معنى مركزيا، فالجدّان من جهة الأب ومن جهة الأم كانا يعملان في قطاع التعليم. وتقول رامه: «نشأنا على فكرة أن المرأة كالرجل، وأن حقّ التعليم مكفول للجميع،والتعليم واجب لخدمة الوطن والعائلة». هذه الخلفية جعلت حضور المرأة في الفضاء العام أمرا طبيعيا في وعيها، وهو ما يفسّر لاحقا انحيازها لموضوع تمكين النساء في العلوم والتكنولوجيا، وعدم شعورها بأن وجودها كامرأة في هذه المجالات يحتاج إلى تبرير أو دفاع أو استئذان. حب وخوف… وانتماء معلق بين وطنين ولدت رامه في دمشق لكنها لم تعش فيها طفولة مستقرة، إذ سرعان ما انتقلت العائلة إلى السعودية في سنواتها الأولى. وتستعيد من تلك المرحلة أول ما يعلق بذاكرة طفل ينتقل بين مناخين مختلفين، فتقول ضاحكة: «أول ما وصلت إلى السعودية كان أكثر ما انتبهت إليه هو شدّة الحرارة». ثم بدأت مرحلة التأقلم مع لهجة جديدة وبيئة اجتماعية مختلفة، لكنها تصف الجو الذي وجدته هناك بأنه جوّ حنون ومتماسك ومترابط. وتؤكد أنها لم تشعر بالغربة، بل تشكلت عائلتها الحقيقية في السعودية أكثر مما تشكلت في سوريا. كانت العائلة تزور سوريا في الصيف، لكنها كانت تشعر بأن الزيارة محمّلة بالخوف أكثر من الحنين. تقول: «كان هناك دائمًا خوف… لا تتحدثي هكذا، ولا تفعلي كذا. كل شيء مراقَب، إضافة إلى ما كنا نسمعه عن أحداث حماة». اكتشاف جالية عربية أكثر محافظة من الشرق قرار والدها الانتقال إلى الولايات المتحدة كان منعطفا حاسمًا؛ فقد كان يبحث عن استقرار لم يجده في سوريا ولا في السعودية، ورأى في أمريكا إمكانية البدء من جديد. لكن ردة فعل رامه ووالدتها الأولى كانت الرفض، إذ تقول: «كنا تماما ضد الفكرة… كيف سنترك المجتمع الذي اعتدنا عليه؟» ومع الوقت بدأت تكتشف تكوينًا عربيًا جديدًا في المهجر، فتقول: «عندما يهاجر الناس يتمسكون بالعادات التي تربّوا عليها في الفترة التي غادروا فيها بلادهم، فتغدو الجالية في الخارج أحيانا أكثر محافظة من الناس الذين بقوا في الوطن». من حلم الطب إلى هندسة الكهرباء والحاسوب حين تتحدث رامه عن دراستها الجامعية نكتشف أنها لم تصل إلى عالم التكنولوجيا والاستثمار بطريق مستقيم، بل عبر مسارات متعرّجة. حلمها الأول كان الطب، وتقول: «كنت أرغب بشدة في دراسة الطب لأصبح طبيبة». لكن والدها أراها صعوبة هذا المسار في الولايات المتحدة، حيث ينبغي دراسة البكالوريوس في العلوم أولًا ثم الالتحاق بكلية الطب. فاتفقا على أن تبدأ بدراسة علوم النطق والسمع، على أن تدمجها بمواد من علوم الحاسوب والهندسة. ومع الوقت بدأت تشعر بأن طريق الطب طويل، وأن عليها أن تتحمل مسؤوليات عائلية أكبر، خاصة بعد وفاة والدها في السنة نفسها التي كانت تخطط...
    続きを読む 一部表示
    42 分
  • مصطفي عثمان: "التدخلات الخارجية هي العامل الأول فيما يجري في السودان اليوم"
    2025/12/06
    خلال هذا الشهر شددنا الرحال إلى الدوحة، العاصمة القطرية، للمشاركة في قمة وايز. تتمحور النسخة الثانية عشرة حول شعار “الإنسان أولا: القيم الإنسانية في صميم النظم التعليمية”. وفي أولى الحلقات التي صورناها على هامش هذا الحدث الدولي، استضفنا وزير خارجية السودان الأسبق الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل الأمين. شكل اللقاء فرصة للخوض في قراءة لجذور الأزمة السودانية الراهنة، ورهانات الإصلاح السياسي والتربوي في السودان والعالم العربي. طفولة في حضن التصوّف ولد الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل في الولاية الشمالية في قرية رومي البكري السودانية، وهي قرية ارتبطت تاريخيا بالطرق الصوفية واحتضنت خلوات مشهورة كان يفد إليها طلاب من الصومال وكينيا وإثيوبيا وإريتريا. هذه البيئة، كما يصفها، ربّت أبناءها على الروحانيات والمحبة والتعاون، وجعلت من الدين منطلقًا للعمل الاجتماعي والسياسي معًا. ارتباطه بالأرض، بطريقته الصوفية، وبمجتمع زراعي بسيط، صاغ لديه إحساسا بالانتماء يبدأ من القرية، ثم المحلية، فالوطن، فالأمة. واستشهد بأبيات شعر قائلا: نقل فؤادك حيث شئت من الهوى ما الحب إلا للحبيب الأول كم منزل في الأرض يألفه الفتى وحنينه أبدا لأول منزل البدايات السياسية: المدرسة والجامعة وصناعة القادة بدأ الدكتور إسماعيل تعليمه الابتدائي في مدرسة رومي البكري، ثم واصل المرحلة الوسطى فيها. أما الثانوية، فقد انتقل من أجلها إلى مدينة دنقلا حيث درس وأكمل مساره التعليمي قبل أن يلتحق بجامعة الخرطوم. في كل محطة، يقول إنه كان ناشطًا في الجمعيات الثقافية والطلابية، مؤمنًا بأن العمل الطلابي مصنع للقادة. خلال بعثته إلى بريطانيا أصبح رئيسًا لاتحاد الطلاب السودانيين في المملكة المتحدة وإيرلندا، ثم رئيسًا لاتحاد الجمعيات الإسلامية الناطقة بالإنجليزية. حسن الترابي…المفكر الذي فتح له الأفق يتوقف الدكتور إسماعيل عند شخصية الدكتور حسن الترابي، الذي شكّل نقطة تحوّل في حياته الفكرية. فهو يصفه بـ"المفكر غير التقليدي" الذي ربط الأصالة بالحداثة، ووضع رؤية ديناميكية للإسلام تختلف عن الصورة الصوفية والطرقية التقليدية التي نشأ عليها. يقول إنه يوم استمع إلى الترابي في ندوة بعد ثورة أكتوبر 1964، شعر لأول مرة أنه أمام شخصية "تستحق الإصغاء". كان الترابي بالنسبة له نافذة جديدة نحو التفكير الحر والعمل السياسي التجديدي، في وقت كانت فيه الأحزاب التقليدية في السودان تعيش شبه قطيعة مع الشباب. السودان بعد الاستقلال: دروس الوحدة المفقودة يأخذ الدكتور إسماعيل المشاهد في تحليل تاريخ السودان، معتبرًا أن لحظات الإجماع الوطني كانت دائمًا مفتاح الاستقلال والانتقال السياسي. فالسودان نال استقلاله عام 1956 من داخل البرلمان، حين توحّدت الأحزاب رغم محاولات مصر وبريطانيا فرض رؤاهما المتناقضة على البلاد. ويذكّر بمشهدين سياسيين مهمّين: الزعيم إسماعيل الأزهري الذي أعلن الاستقلال بالتوافق، والمشير سوار الذهب الذي سلّم السلطة طوعًا للمدنيين بعد انتفاضة 1985. هذه الأمثلة تقف – برأيه – على النقيض مما يحدث اليوم حيث انقسم السياسيون وانحاز الجيش لطرف ضد آخر، ما فتح الباب واسعًا أمام التدخلات الخارجية. قراءة في الأزمة السودانية الحالية يقدّم الدكتور إسماعيل قراءة نقدية لما يجري اليوم في ...
    続きを読む 一部表示
    44 分
  • علي مهدي: "ما يحدث في السودان هو تمرد قوة باطشة على الدولة"
    2025/11/08
    في حلقة جديدة من برنامج "ضيف ومسيرة"، استضفنا الفنان السوداني علي مهدي نوري، أحد أبرز الوجوه المسرحية في السودان، وسفير اليونسكو للسلام، الذي تحدث من القاهرة عن مسيرته الطويلة في عالم المسرح، وعن رؤيته لدور الفن في بناء الإنسان وإعادة السلام إلى وطنه الذي تمزقه الحرب اليوم. استهلّ علي مهدي حديثه باستعادة صور الطفولة، في قرية الشجرة التي وُلد فيها عام 1952، من والدٍ ينتمي إلى البدرية الدهمشية في شمال السودان، وأمٍّ من قرية كابتوت قرب دنقلا. لكن الشخصية التي طبعت وجدانه كانت جدته السيدة آمنة أو كما يناديها هو "الحبوبة آمنة"، تلك الحكاءة الشعبية التي كانت تروي القصص ليلاً للأطفال بصوت يتلوّن بين أدوار الخير والشر. يقول عنها: "كل ما أنا فيه من خير، فالفنون خير لأنك تعطي للناس المحبة، وكل هذا يعود لجدتي آمنة." كان يجلس صباحاً ويعيد تمثيل القصص لأقرانه، وهنا وُلدت عنده فكرة التشخيص، والبذرة الأولى لحب المسرح. المسرح الوطني: الفن كفعل حرية عام 1970 التحق بمعهد الموسيقى والمسرح بالخرطوم، حيث انضم إلى دفعة مسرح العرائس، ضمن أول وآخر دفعة بالسودان تلقّت تدريبها على يد أساتذة من رومانيا. مسيرة الفنان علي مهدي ستعرف تحولاً كبيراً في أواخر التسعينيات، حين أسس "المسرح الوطني" كمؤسسة مستقلة. يقول عن اختياره لمفهوم "المسرح الوطني": "كنت أُباعد بين نفسي وبين اتجاه التيار السياسي القومي، ولهذا فكرت في أنه لماذا لا أعبّر عن الفنون السودانية بما يمكن أن نسميه الفنون الوطنية السودانية، لأن الثقافة السودانية ثقافة متعددة. فكرة المسرح الوطني هي الخروج عن الرباط الرسمي." من خلال هذا الفضاء الجديد، قدّم أعمالاً خالدة مثل مسرحية "هو وهي"، التي أصبحت علامة فارقة في تاريخه الفني. كان العرض يدمج بين الكوميديا والنقد الاجتماعي، ويتيح للجمهور المشاركة الفعلية في الحوار. المسرح والحرب في عام 2000 أسس علي مهدي مهرجان “أيام البقعة المسرحية”، الذي تحوّل لاحقاً إلى مهرجان دولي يجمع الفرق من مختلف أنحاء العالم. أراد من خلاله أن يمنح المسرح السوداني فضاءً مستقلاً للتعبير، وأن يربط الفعل الثقافي بالحياة اليومية للناس. كما أطلق علي مهدي مشروع المسرح في مناطق النزاع، هدفه استخدام الفنون الأدائية كوسيلة لتعزيز السلام والمصالحة. بدأ المشروع في دارفور، حيث عمل مع أطفال جُنّدوا قسراً في الحروب. يروي أنه جمعهم في معسكر واحد، وبدأ يحكي لهم القصص، ثم دعاهم لتمثيلها معاً: "في البداية رفضوا الجلوس معاً لأنهم من قبائل مختلفة، لكن مع الوقت بدأوا يتحدثون، ثم يمثلون، ثم يضحكون. المسرح أعاد بناء الجسور بينهم." الحرب السودانية: شهادة فنان على الكارثة الإنسانية لم يخفِ علي مهدي حزنه العميق وهو يتحدث عن الحرب المشتعلة في السودان منذ عام 2023، وخصوصاً ما حدث في إقليم دارفور ومدينة الفاشر مؤخراً، قائلاً: "الذي حدث في السودان ويحدث الآن هو تمرد قوة باطشة على الدولة وعلى أهل السودان، وما يحدث في إقليم الفاشر هو خير إشارة إلى هذا التمرد وعدم إنسانية هذا السلوك." من موقعه سفيراً لليونسكو للسلام، دعا المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤوليته، وقال: "كل إنسان محب للسلام، وكل إنسان محب للخير، عليه الآن على وجه الخصوص أن يقف ويقول: أوقفوا هذا التمرد، وأعيدوا السودان كما كان، وأعيدوا ...
    続きを読む 一部表示
    44 分
  • ياسمينة خضرا: "اسمي المستعار هو الذي منحني الحرية للكتابة."
    2025/10/25
    في حلقة جديدة من برنامج "ضيف ومسيرة"، استضافت الإعلامية عزيزة نايت سي بها الكاتب والروائي الجزائري ياسمينة خضرا، الإسم الأدبي لمحمد مولسهول، المتوج حديثا بجائزة الرواية البوليسية "بيبي كارفاليو 2025". تطرق هذا اللقاء للمسار الأدبي والإنساني لياسمينة خضرا، والذي يمتد لأكثر من أربعة عقود. منذ ولادته في القنادسة في الصحراء الجزائرية، مرورا بتكوينه العسكري وفترة العشرية السوداء، واختياره لاسمه الأدبي المستعار، وصولاً إلى انتقاله إلى فرنسا وما تلا ذلك من إصدارات أدبية بارزة حتى اليوم. استهل ياسمينة خضرا حديثه بتأملٍ حول حال العالم اليوم، معبرا عن خيبة أمله من انحدار القيم الإنسانية في السنوات الأخيرة، قائلاً إننا نعيش زمناً "دمرت فيه الضمائر" وإن "الإنسانية فقدت الأمل أكثر من أي وقت مضى". لكنه، رغم سوداوية المشهد، يرى أن الأمل لا يُستعاد إلا بالعمل وبعودة الإنسان إلى ضميره. فبالنسبة له، لا يمكن لأي أمة أن تنهض ما لم تتصالح مع إنسانيتها، وأن "الحقيقة" تبقى القوة الوحيدة القادرة على إنقاذ البشرية من التيه الأخلاقي. وفي معرض حديثه عن الأدب، يرفض خضرا النظر إلى الكتاب كأداة لتغيير العالم مباشرة، معتبراً أن "الأديب ليس دوره تغيير العالم، فالعالم تغيّره الشعوب. الأديب ربما يساعد في تغيير بعض العقائد والعقليات فقط." من ثكنات الجيش إلى محراب الأدب وُلد محمد مولسهول سنة 1955 في القنادسة بولاية بشار، في الصحراء الجزائرية، وسط عائلة شاركت في حرب التحرير ضد الاستعمار الفرنسي، فشب محاطا بروح النضال والانضباط. التحق في طفولته بمدرسة "أشبال الثورة"، ومنها انتقل إلى المؤسسة العسكرية، حيث عمل فيها ضابطا في الجيش الجزائري. لكن الأدب كان يسكنه منذ الطفولة، إذ كتب أولى قصصه وهو في العاشرة من عمره، ونشر أولى مجموعاته القصصية وهو في السابعة عشرة. إلا أن ارتباطه بالمؤسسة العسكرية فرض عليه بعض القيود. يقول:"الجيش الجزائري لم يمنعني أبداً من الكتابة..كان من الممكن أن أكون عسكرياً جيداً، لكن الحب للأدب كان أقوى واسمي المستعار هو الذي منحني الحرية للكتابة." العشرية السوداء وسردية الألم لم تكن سنوات التسعينيات مجرد خلفية زمنية في حياة الكاتب، بل كانت جرحا مفتوحا في ذاكرة الجزائر. فبين عامي 1991 و2002 عاش البلد واحدة من أعنف مراحل تاريخه الحديث، حيث حصد الإرهاب أرواح الآلاف. من رحم تلك المأساة وُلدت ثلاثيته الشهيرة: "Morituri" – "Double Blanc" – "L’Automne des chimères". اعتمد فيها الأسلوب البوليسي، وجعل من شخصية المفتش لوب رمزا للضمير الذي يقاوم الجنون والعنف. يقول خضرا: "الجزائر لم تكن لتسقط، شخصية الكوميسير لوب ساعدتني على تجاوز صعوبة العشرية السوداء وعدم فقدان وعيي، لأن تلك الفترة الصعبة من تاريخ الجزائر جعلت الجزائريين يفقدون الوعي. هذا الأسلوب في الكتابة جعلني دائماً متفائلاً." من الجزائر إلى العالم: الأدب في مواجهة القضايا الكونية بعد أن أنهى خدمته العسكرية عام 2000 واستقر في فرنسا، بدأ خضرا مرحلة جديدة من مسيرته، تجاوز فيها حدود الجزائر نحو قضايا العالم. في رواية "سنونوات كابول" تناول مأساة أفغانستان تحت حكم طالبان، وفي "الاعتداء" أعاد رسم الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي من خلال قصة طبيب عربي في تل أبيب يكتشف أن زوجته نفذت عملية انتحارية. تحولت الرواية إلى ...
    続きを読む 一部表示
    44 分
  • محمد مهدي بنسعيد: "مطالب "جيل زيد" في المغرب هي مطالب مشروعة"
    2025/10/18

    في حلقة جديدة من برنامج «ضيف ومسيرة» على قناة فرانس 24، حلّ وزير الشباب والثقافة والتواصل المغربي محمد مهدي بنسعيد ضيفا على برنامج ضيف ومسيرة مع عزيزة نايت سي بها. وذلك في ظل الحراك الاجتماعي الذي قاده جيل212Z خلال الأيام الأخيرة، وما أثاره من تساؤلات حول ردة فعل الحكومة المغربية، ومستقبل السياسات العمومية في مجالات التعليم والصحة والتشغيل.

    استهل الوزير حديثه بالتأكيد على أن المطالب الاجتماعية التي يرفعها الشباب اليوم، خصوصاً في مجالات الصحة والتعليم والشغل، ليست جديدة، بل هي "امتداد لمطالب رافقت المغرب منذ عقود. وكل جيل له طريقته الخاصة في التعبير عن نفسه».

    أزمة تمثيلية ومسؤولية الأحزاب

    وعند سؤال الوزير المغربي عن دور الأحزاب فيما يحدث، وهي التي لم تنجح في احتواء الشباب كما وعدت بذلك بعد التعديل الدستوري عام 2011 كان رده أنه «من الطبيعي أن يقع اختلاف بين من تشرّب مفاهيم العمل السياسي في التسعينات وبين شباب 2025، لكن هذا الاختلاف هو علامة حياة ديمقراطية، وليس أزمة بحد ذاته».

    الصحة والتعليم..أولويتان وطنيتان

    خصّ الحوار حيزا كبيرا للحديث عن القطاعين الاجتماعيين الأكثر حساسية في المغرب: الصحة والتعليم. وهي على رأس القطاعات التي طالب المحتجون بإصلاحها. لكن بالنسبة لبنسعيد، " الإصلاحات الكبرى لا يمكن أن تقاس فقط بالميزانيات، بل بمدى الإحساس بالتغيير لدى المواطنين، مبرزاً أن الحكومة مطالَبة بتقديم نتائج ملموسة يشعر بها المواطن في حياته اليومية، لا بالاكتفاء بإعلانات إصلاحية طويلة المدى".

    التواصل مع المواطنين..الحلقة المفقودة

    اعترف الوزير بوجود قصور في التواصل الحكومي خلال السنوات الماضية، معتبرا أن ضعف الشرح والتوضيح أحد أسباب الاحتقان الاجتماعي. هذا رغم أن المتظاهرين أكدوا على أهمية الاستثمار في هذه الميادين وليس الترويج لما قد قامت به الحكومة حتى الآن.

    وكان رد الوزير بهذا الشأن: «لم نقل إن الحل الوحيد للإشكاليات والاحتجاجات التي كانت في المغرب في هذه الأيام الأخيرة هو التواصل. نعم، قلنا إن التواصل جزء من الإشكاليات. هناك أيضا إشكالية في تنزيل المشاريع، خاصة في بعض القطاعات الحساسة والاجتماعية المنتظرة من طرف المواطنات والمواطنين».

    الشباب بين الاحتجاج والانخراط

    وعن غياب تفعيل المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي الذي نص على إحداثه الفصل 170 من دستور 2011، قال الوزير: «هو مجلس مرتبط بمجموعة من المؤسسات، وفعلا يجب أن يتم تفعيله. وأقول أكثر من ذلك: إن إشكالية التمثيلية أهم بكثير، إذ لا بدّ على الأحزاب السياسية أن تنفتح أكثر على هذا الجيل الصاعد».

    続きを読む 一部表示
    44 分
  • عبد اللطيف اللعبي: "بدون ثورة في التعليم لا يمكن أن نبني ديمقراطية حقيقية في المغرب."
    2025/10/11
    في هذه الحلقة الجديدة من برنامج "ضيف ومسيرة"، حاورت الإعلامية عزيزة نايت سي بها واحداً من أبرز الأصوات الأدبية في المغرب والعالم العربي و الفرنكفوني، الشاعر والروائي عبد اللطيف اللعبي. حلقة غنية بالاعترافات والتأملات في قضايا الهوية، التعليم في المغرب، الوضع في فلسطين وكذلك عن أهمية الكتابة. بدأ الحوار من الواقع المغربي الراهن، حيث علّق عبد اللطيف اللعبي على موجة الاحتجاجات الشبابية بقيادة حركة "GENZ 212" التي يشهدها المغرب، معتبراً أنها استمرار لتاريخ طويل من النضال الاجتماعي والسياسي. فالبنسبة له مطالب الشباب اليوم — التعليم، الصحة، الكرامة، التشغيل — ليست جديدة، بل هي ذاتها التي رفعها المغاربة منذ الاستقلال. وأكد الكاتب المغربي أن جوهر الأزمة يكمن في التعليم العمومي الذي يعتبره الركيزة الأساسية لأي مشروع ديمقراطي حقيقي وبدونها "لا يمكن أن نبني مواطناً يشارك بفاعلية في بناء البيت المغربي". كما دعا إلى الإصغاء بصدق إلى هذه المطالب المشروعة، مؤكداً على سلمية الاحتجاج وضرورة أن تنخرط فيها القوى السياسية والنقابية والمدنية. الهوية بين الانغلاق والانفتاح في محور الهوية، تحدث الشاعر المغربي عبد اللطيف اللعبي عن مفهوم الهوية الكونية التي تتجاوز الحدود الضيقة والانتماءات المغلقة. مستشهداً بكتاب الهويات القاتلة Les Identités meurtrières من تأليف الكاتب والروائي اللبناني أمين معلوف، دعا إلى التحرر من "سجن الهوية الواحدة"، والانفتاح على الثقافات الأخرى من خلال القراءة، السفر، وتبادل التجارب الإنسانية. يرى اللعبي أن الانفتاح لا يعني الذوبان، بل الاغتناء: "كلما اكتشفت أدباً جديداً من أمريكا اللاتينية أو اليابان أو الدول الإسكندنافية، أكتشف هويات تغنيني شخصيا." هذا الوعي بالهوية الإنسانية جعله يدافع عن فكرة المواطنة الكونية، حيث لا يمكن للفكر أن يزدهر داخل جدران القومية الضيقة أو الانغلاق الثقافي. فلسطين... ذاكرة الألم وأفق الإنسانية علاقة عبد اللطيف اللعبي بفلسطين ليست سياسية فقط بل وجودية. فمنذ خمسين عاماً وهو يترجم الشعر الفلسطيني، ويرى فيه جوهر الإنسانية في مواجهة العدم. يقول: "رغم القهر والجوع في غزة، يظل الفلسطيني قادراً على الغناء والكتابة، لأن الكلمة هي آخر ما تبقّى له من أدوات الوجود." تحدث الضيف عن عمله المشترك مع الصحفي والكاتب المغربي ياسين عدنان في أنطولوجيا «غزة، أهناك حياة قبل الموت؟»، مؤكداً أن شرعية الكلمة في هذه اللحظة التاريخية تعود لأبناء غزة أنفسهم. تأمل اللعبي في فكرة الحب وسط الدمار، متسائلاً: "هل يمكن لفتاة أو شاب في غزة أن يحبّا في زمن الحرب؟" سؤال يعكس حساسيته الإنسانية وإيمانه بأن الشعر يظل أداة للمقاومة الروحية عندما يعجز كل شيء آخر. الشعر والرواية... الإبداع في مواجهة العدم يرى عبد اللطيف اللعبي أن الشعر هو الفعل الأول للكتابة، لأنه الأكثر فورية وصدقاً في التعبير عن الذات والواقع. فبينما تحتاج الرواية إلى بناء وزمن وتخطيط، يولد الشعر من لحظة انفعال واحدة، كوميض. ويستشهد بقصيدة الشاعر الفلسطيني مروان مخول: "لكي أكتب شعرا ليس سياسيا، يجب أن أصغي لصوت العصافير، ولكي اسمع العصافير، يجب أن تخرس الطائرة." هذه المفارقة تجسد، في نظر اللعبي، الوظيفة الأخلاقية للشعر في زمن العنف والخراب. كما ...
    続きを読む 一部表示
    44 分